فصل: كتاب الغصب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


فيمن ارتهن أرضا فأذن للراهن أن يزرعها أو يؤاجرها وفي الرهن يرتهنه رجلان على يدى من يكون

قلت‏:‏ أرأيت أرضا ارتهنتها فأذنت للراهن أن يزرعها فزرعها أتكون خارجة من الرهن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان زرعها ربها ولم يخرجها من يدى‏؟‏

قال‏:‏ إذا زرعها ربها فليست في يديك وانما ذلك بمنزلة الدار يرتهنها ثم يسكنها ربها أو العبد يرتهنه ثم يخدم العبد ربه فهذا كله خروج من الرهن وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان اكراها الراهن بأمر المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ هذا خروج من الرهن وهذا إسلام من المرتهن إلى الراهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنا ثوبا أنا وصاحب لي على يدى من يكون‏؟‏

قال‏:‏ إذا رضيتما ورضى الراهن معكما أن يكون على يدى أحدكما فذلك جائز والذي ليس في يديه شيء حصته من ذلك في الضياع على الراهن وحصة الذي الثوب على يديه في الضياع منه وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فان ارتهنا الثوب ولم يجعله الراهن على يدى أحدهما كيف يصنع به هذان وعند من يكون‏؟‏

قال‏:‏ يجعلانه حيث شاآ وهما ضامنان له‏.‏

في الرجلين يكون لهما دين مفترق دين أحدهما من سلم والآخر من قرض أو دين أحدهما دراهم والآخر شعير فأخذ بذلك رهنا

قلت‏:‏ أرأيت أن كان لرجلين على رجل دين مفترق دين أحدهما من سلم ودين الآخر من قرض أو دين أحدهما دراهم ودين الآخر شعير فاخذا بذلك رهنا واحدا أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا جائز عند مالك إلا أن يكون أحدهما أقرضه قرضا على أن يبع الرجل الآخر بيعا ويأخذا بذلك جميعا رهنا فهذا لا يجوز لأن هذا قرض جر منفعة وأما أن كان الدين قد وجب من بيع ومن قرض ولم يقع بينهما شيء من هذا الشرط فلا بأس بما ذكرت وان كانا أقرضاه جميعا معا واشترطا على أن يرهنهما فلا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قضى أحدهما دينه أيكون له أن يأخذ حصته من الرهن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجلين يكون بينهما الدار فيرهنانها بمائة دينار فيأتى أحدهما بحصته من الدين يريد أن يفتك نصيبه من الدار‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك له فمسئلتك مثل هذا إلا أن في مسئلتك أن كتبا كتابا بذكر حق واحد وكان دينهما واحدا فليس لواحد منهما أن يقتضى حصته دون صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ وان كان دينهما مفترقا شيئين مثل أن يكون لأحدهما دنانير وللآخر قمح كان لكل واحد منهما أن يقتضى حقه ولا يدخل معه صاحبه فيما اقتضاه وكذلك لو كتبا عليه ذكر حق بأمرين مختلفين كان لكل واحد منهما أن يقتضى حقه دون صاحبه وإنما الذي لا يكون لأحدهما أن يقتضي حقه دون صاحبه أن يكتبا كتابا بينهما جميعا بشيء واحد يكون ذلك الشيء بينهما أو يكون الرهن لهما من شيء واحد وان لم يكتبا بذلك كتابا فليس لأحدهما أن يقتضي دون صاحبه مثل أن تكون دنانير كلها أو قمحا كله أو شيئا واحدا أو نوعا واحدا كله فليس لأحدهما أن يقتضى دون صاحبه‏.‏

في الرجل يجنى جناية فيرهن بذلك رهنا

قلت‏:‏ أرأيت أن جنى رجل على رجل جناية لا تحملها العاقلة فرهنه بتلك الجناية رهنا وعليه دين يحيط بماله وهذا قبل أن تقوم عليه الغرماء فقامت عليه الغرماء ففلسوه فقالت الغرماء أن هذا الرهن الذي ارتهنته من صاحب الجناية إنما هي أموالنا وإنما دين صاحب الجناية من غير بيع ولا شراء ولا قرض فلا يكون له الرهن دوننا ونحن أولى به هل تحفظ من مالك فيه شيئا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يجنى جناية لا تحملها العاقلة ثم تقوم عليه الغرماء فيه فيفلسونه أن صاحب الجناية يضرب بدينه مع الغرماء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فالرهن جائز للمرتهن المجني عليه مثل هذا القول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا رهن عبدين عند رجل فقتل أحدهما صاحبه بكم يفتك الراهن الباقي‏؟‏

قال‏:‏ بجميع الدين لأن مصيبة العبد من الراهن‏.‏

فيمن رهن رهنا فأقر الراهن أنه جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن

قلت‏:‏ أرأيت أن رهن رجل عبدا له فأقر الراهن أن عبده هذا الرهن قد جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن والسيد موسر أو معسر‏؟‏

قال‏:‏ أن كان معسرا لم يصدق على المرتهن وان كان موسرا قيل للسيد ادفع أو افد فان قال أنا أفديه فداه وان كان رهنا على حاله وان‏؟‏ قال لا أفتدى وأنا أدفع العبد لم يكن له أن يدفع حتى يحل الأجل فإذاحل الأجل أدى الدين ودفع العبد بجنايته التي أقر بها وان أفلس قبل أن يحل الأجل كان المرتهن أولى به من الذين أقر لهم بالجناية ولا يشبه اقراره ها هنا البينة إذا قامت على الجناية‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه ولكن قد قال مالك في جناية العبد إذا كان رهنا فقامت البينة على الجناية ما قد أخبرتك وهو رأيي‏.‏

في الرجل يحبس على ولده الصغار دارا أو يتصدق عليهم بدار وهو فيها ساكن حتى مات

قلت‏:‏ أرأيت أن حبست دارا لي على ولدى وهم صغار أو تصدقت عليهم وهم صغار في حجري بدار لي وأشهدت لهم إلا أني فيها ساكن حتى مت أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في الرجل يهب لولده الصغار وهم في حجره دارا أو يتصدق بها عليهم أو يحبسها عليهم أن حوزه لهم حوز وصدقتهم وهبتهم والحبس عليهم ثابت جائز إلا أن يكون يسكن فيها كلها حتى مات فان كان ساكنا فيها كلها حتى مات فهي مورثة على فرائض الله تبارك وتعالى وان كان كانت دارا كبيرة فسكن القليل منها وجلها الأب يكريه فحوزه لهم فيما سكن وفيما لم يسكن حوز كله وتجوز الهبة والصدقة والحبس في الدار كلالها إذا كان إنما سكن الشيء الخفيف منها‏؟‏

قال‏:‏ مالك وان كانت دارا يسكن جلها والذي يكرى منها القليل لم يجز للولد منها قليل ولا كثير لا ما أكرى ولا ما سكن‏؟‏

قال‏:‏ والاحباس والهبة والصدقة كلها سواء‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وان حبس ذلك في دور مفترقة فسكن في دار منها ليست تلك الدار التي سكن جل حبسه ولا أكثره وهي في هذه الدور التي حبس خفيفة رأيت الحبس جائزا للولد فيما سكن من ذلك وفيما لم يسكن‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإذا كانت الدار التي يسكن هي جل الدور وأكبرها‏؟‏

قال‏:‏ مالك فلا يجوز ها هنا من الدور للولد قليل ولا كثير لا ما سكن ولا ما لم يسكن‏.‏

قال سحنون‏:‏ الكبار غير الصغار لأنه يسكن القليل للصغار فيحوز الباقي لهم فيكون حاز الحوز وأما إذا كانوا كبارا يلون أنفسهم فقبضوا لأنفسهم وبقي يسكن من ذلك المعظم فان ذلك غير جائز‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسمعت مالكا يقول في حيازة الدار إذا حبسها الرجل على ولده الصغار وسكن منها المنزل وهي ذات منازل فحاز الكبار سائر الدار أو كانوا صغارا فكانت الدار في يديه إلا أنه ساكن في منزل منها كما ذكرت لك‏؟‏

قال‏:‏ مالك أن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت حبسا جميعا داريهما وكانا يسكنان فيهما حتى ماتا منزلا منزلا منها‏؟‏

قال‏:‏ مالك فنفذ حبسهما ما سكنا وما لم يسكنا‏؟‏

قال‏:‏ مالك فإذا كان الشيء على ما وصفت لك إذا سكن من حبسه أقله جاز ذلك كله فإذا كان سكن أكثرها أو كلها لم يجز منها قليل ولا كثير‏.‏

في الرجل يغتصب الرجل عبدا فيجنى عنده أو يرتهن عبدا فيعيره

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبني رجل عبدا فجنى عنده جناية ثم رده علي وفي رقبته الجناية‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن سيد العبد مخير أن أحب أن يسلمه ويأخذ قيمته من الغاصب فذلك له وان أحب أن يفتكه بدية الجناية فذلك له ولا يتبع الغاصب من ذلك بشيء مما دفعه فيه‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال أشهب أن افتكه السيدإليه رجع على الغاصب بالأقل من قيمة العبد أو جنايته‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقول بن القاسم أحسن وهو أحب إلي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت من رجل عبدا فأعرته رجلا بغير أمر الراهن فمات العبد عند المعار أيضمن المرتهن قيمته أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن لم يعطب في عمل استعمله المستعير فيه فلا ضمان على واحد منهما وإذا مات من أمر الله فلا ضمان عليهما لا على المرتهن ولا على المستعير‏.‏

قلت‏:‏ لم أو ليس هذا المرتهن عاصيا حين أعار العبد بغير أمر سيده‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك أن المرتهن لو استودعه رجلا بغير أمر الراهن لم يضمن‏؟‏

قال‏:‏ لا وهو رأيي إلا أن يكون الذي استودعه أو استعاره استعمله عملا أو بعثه مبعثا يعطب في مثله فيضمن‏.‏

قال سحنون‏:‏ إذا عطب عند المستعير ضمنه لأنه متعد كان العمل مما يعطب فيه أولا يعطب فيه‏.‏

في الرجل يرهن أمته ولها زوج أيجوز أن يطأها أو بزوج أمته وقد رهنها قبل ذلك أو يرهن جارية عبده

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت جارية لها زوج أيكون لي أن أمنع زوجها من الوطء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس له أن يمنع زوجها من الوطء‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك أرأيت لو باعها أيكون للمشتري أن يمنع زوجها من الوطء أي ليس له أن يمنعه فكذلك المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولو أن رجلا رهن جارية عبد له لم يكن لسيدها هذا العبد أن يطأها‏؟‏

قال‏:‏ مالك وكذلك لو رهنهما جميعا عبده وأمته لم يكن للعبد أن يطأها‏.‏

قال أشهب‏:‏ أن وطىء العبد جاريته بأمر المرتهن فقد أفسد رهنه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن افتكهما السيد وتكون الجارية للعبد كما هي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وسواء أن كان رهنها السيد وحدها ثم افتكها أو رهنها هي وسيدها العبد ثم افتكهما أهما سواء وتكون الجارية للعبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أنه إذا افتكها السيد رجعت إلى العبد بحال ما كانت قبل الرهن وكذلك إذا رهنهما جميعا فافتكهما هو أبين منه حين رهنها دونه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن زوج أمته وقد رهنها قبل ذلك أيجوز هذا التزويج في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز تزويجه اياها لأن التزويج عيب يلحق الجارية فليس للسيد أن يدخل في الرهن ما ينقصه إلا أن يرضى بذلك المرتهن فان رضى بذلك جاز‏.‏

في الرهن بالسلف

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت من رجل جارية قيمتها خمسمائة درهم بخمسمائة درهم أسلفته اياها ثم جاءني بعد ذلك فقال أسلفني خمسمائة أخرى فقلت لا إلا أن ترهنني جاريتك فلانة الأخرى بجميع الألف وقيمتها ألف درهم‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في هذا لأن هذا قرض جر منفعة ألا ترى أنه أقرضه على أن زاده في سلفه الأول رهنا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أن رجلا أتى إلى رجل له عليه دين فقال أنا أقرضك أيضا على أن ترهنني رهنا بجميع حقي الأول والآخر قال مالك لا خير فيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن وقع هذا بحال ما وصفت لك فاسدا جهلوا ذلك حتى قامت الغرماء ففلسوا المستسلف أو مات وقامت الغرماء أيكون الرهن الثاني الذي صار فاسدا رهنا أولا ويكون المرتهن أولى به حتى يستوفى حقه في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن لا يكون رهنا إلا بالسلف الآخر ولا يكون الرهن في شيء من السلف الأول لأنه سلف اجتر به منفعة‏.‏

في ارتهان الدين يكون على الرجل

قلت‏:‏ لابن القاسم هل يجوز في قول مالك أن يرتهن الرجل الدين يكون له على رجل ويبتاع من رجل بيعا أو يستقرض منه قرضا فيقرضه ويرتهن منه الدين الذي له على ذلك الرجل‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك نعم له أن يرتهن ذلك فيقبض ذكر الحق ويشهد‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يكن كتب ذكر حق‏؟‏

قال‏:‏ يشهد وتجزئه‏.‏

قلت‏:‏ فان كان لرجل علي دين فبعته بيعا وارتهنت منه الدين الذي له علي أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهو أقواهما‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك فيمن ارتهن دينا على غيره أن ذلك جائز فهذا جائز لما عليه‏.‏

كتاب الغصب

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أني كسرت صحفة لرجل كسرا فاسدا صيرتها فلقتين أو كسرتها كسرا غير فاسد أو كسرت له عصا كسرا فاسدا أو غير فاسد أو شققت له ثوبا فأفسدت الثوب شققته نصفين أو شققته شقا قليلا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل أفسد لرجل ثوبا قال أن كان الفساد يسيرا رأيت أن يرفوه ثم يغرم ما نقصه بعد الرفو وان كان الفساد كثيرا فانه يأخذ الثوب ويغرم قيمته يوم أفسده لرب الثوب وكذلك المتاع مثل ما قال لي مالك في الثوب فكل الذي سألت عنه هو عندي على مثل هذا المحمل‏.‏

قلت‏:‏ فان قال رب الثوب لا أسلم الثوب وقد أفسده فسادا فاحشا فقال لا أسلمه ولكني أتبعه بما أفسده من ثوبي‏؟‏

قال‏:‏ هو مخير في ذلك أن أحب أن يسلمه ويأخذ قيمته فعل وان شاء احتبسه وأخذ ما نقصه وإنما فرق ما بينه إذا أفسده فسادا كثيرا وإذا أفسده فسادا يسيرا أن اليسير لا مضرة على صاحبه فيه فكذلك لم يكن له خيار ولم يلزم من فعل ذلك به وأنه حين أفسده فسادا كثيرا فصاحبه يحتج يقول أبطل علي ثوبي فكذلك يخير‏؟‏

قال‏:‏ ولقد كان مالك دهره يقول لنا في الفساد يغرم ما نقصه ولا يقول يسير ولا كثير ثم وقف بعد ذلك فقال هذا القول في الفساد الكثير وهو أيضا لا مضرة فيه على الذي أفسده لأنه إنما يطرح عنه بقدر الذي بقى في يدى صاحب الثوب وهو قيمته التي كان يغرم وليس هذا بيعا من البيوع يخير فيه إنما هذه جنايات فالمجنى عليه هو الذي يخيركما وصفت لك‏.‏

فيمن اغتصب جارية فزادت عنده ثم باعها أو وهبها أو قتلها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اغتصب جارية من رجل وقيمتها ألف درهم فزادت عنده حتى صارت تساوي ألفين ثم باعها الغاصب بعد ذلك بألف وخمسمائة أو وهبها أو قتلها أو تصدق بها ففاتت الجارية ما يكون على الغاصب وهل يكون رب الجارية مخيرا في هذا في أن يضمنه قيمتها يوم غصبها أو قيمتها يوم باعها أو وهبها أو تصدق بها أو يجيز بيعه هل يكون مخيرا في هذا كله في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أما إذا فاتت الجارية عنده وقد زادت قيمتها فليس عليه في الزيادة عند مالك شيء ولكن عليه قيمتها يوم غصبها وأما إذا باعها فرب الجارية بالخيار أن شاء ضمنه قيمتها يوم غصبها وان شاء أجاز بيعه وأخذ الثمن وأما أن قتلها الغاصب وقد زادت عند الغاصب فليس عليه الا قيمتها يوم غصبها ألا ترى أنها لو نقصت لكان ضامنا لقيمتها يوم غصبها فكذلك إذا زادت ولا يشبه الأجنبي إذا قتلها عند الغاصب فليس على الأجنبي إلا قيمتها يوم قتلها وتكون القيمة لصاحب الجارية إلا أن تكون القيمة أقل من قيمتها يوم غصبها الغاصب فيكون على الغاصب تمام قيمتها يوم غصبها‏.‏

فيمن اغتصب جارية فباعها من رجل فماتت عند المشتري فأتى سيدها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل جارية فباعها من رجل فماتت عند المشتري وأتى سيدها ما يكون له في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس لسيدها على هذا الذي اشتراها قليل ولا كثير لأنها قد ماتت ويكون لسيدها على الذي اغتصبها قيمتها يوم غصبها أن أحب وان أراد أن يمضى البيع ويأخذ الثمن الذي باعها به الغاصب فذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أفهل يكون له أن يضمن الغاصب قيمة الجارية يوم باعها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ ولم أجزت له أن يجيز بيع الغاصب الجارية بعد موتها وإنما يقع البيع الساعة حين يجيز سيدها البيع والجارية ميتة وبيع الموتى لا يحل‏؟‏

قال‏:‏ ليس هذا بيع الموتى إنما هذا رجل أخذ ثمن سلعته ولا يلتفت في هذا إلى حياتها ولا إلى موتها إذا رضى أن يأخذ الثمن الذي بيعت به وهو قول مالك‏.‏

فيمن اغتصب جارية من رجل فباعه فاشتراها رجل وهو لا يعلم بالغصب فقتلت عنده فأخذ لها أرشا ثم قدم سيدها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية فباعها في سوق المسلمين فاشتراها رجل وهو لا يعلم أنها مغصوبة فقتلت عنده فأخذ لها أرشا ثم قدم سيدها فاستحقها‏؟‏

قال‏:‏ سيدها مخير في قول مالك أن شاء أخذ قيمتها من الغاصب يوم غصبها وان شاء أخذ ثمنها الذي باعها به الغاصب‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن لسيدها أيضا أن شاء أن يأخذ من المشترى العقل الذي أخذه من الذي قتل الجارية ويرجع المشترى أن أخذ السيد منه ذلك العقل على البائع بالثمن‏.‏

قلت‏:‏ فان كان المشترى هو نفسه قتلها فأراد سيد الجارية حين استحقها أن يضمنه قيمة جاريته لأنه هو الذي قتلها‏؟‏

قال‏:‏ ذلك له وما سمعته من مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان ضمنه قيمتها لقتله اياها أترده على بائعه بالثمن‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏؟‏

قال‏:‏ وإنما قلت لك أنه يضمن لأن مالكا قال فيمن ابتاع طعاما في سوق المسلمين أو ثيابا فأكل الطعام أو لبس الثياب فاستحق ذلك رجل أن المستحق يأخذ من المشترى طعاما مثله ويأخذ منه قيمة الثياب وكذلك قتله الجارية وإنما يوضع عنه موتها لأنه أمر من أمر الله تعالى يعرف والثياب والطعام كذلك أيضا لو جاءه أمر من أمر الله تعالى يعرف فهلك لم يضمن المشتري قليلا ولا كثير‏.‏

فيمن اشترى جارية في سوق المسلمين فقطع يدها أو فقأ عينها فاستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت جارية في سوق المسلمين فقطعت يدها أو فقأت عينها فاستحقها رجل أيكون له أن يأخذ الجارية ويضمنني ما نقصها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الثوب يشتريه الرجل في سوق المسلمين فيلبسه فيتغير من لبسه ثم يستحقه رجل أنه يأخذه ويضمن المشتري ما نقصه اللبس إلا أن يشاء أن يمضى البيع فذلك له فكذلك مسألتك في هذا مثل الثوب له أن يأخذ جاريته ويضمنك ما نقصها جنايتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مشتري الثوب إذا أخذ رب الثوب الثوب وأخذ منه ما نقصه اللبس أيرجع بالثمن على البائع في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

فيمن اشترى جارية مغصوبة ولا علم له فأصابها أمر من السماء

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت جارية مغصوبة من سوق المسلمين ولا علم لي فأصابها عندي أمر من السماء ذهاب عين أو ذهاب يد أيكون لسيدها إذا استحقها أخذها ويضمننى ما نقصها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا ولكن له أن يأخذها أن شاء ناقصة ولا شيء له على الغاصب وان شاء أن يأخذ الثمن الذي باعها به الغاصب ويسلمها وهذا قول مالك في الثمن وان شاء أن يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها وهذا أيضا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا تجعله يأخذ جاريته ويأخذ ما نقصها العيب الذي حدث بها عند المشتري من الغاصب‏؟‏

قال‏:‏ لأن الغاصب لو لم يبعها وكانت الجارية عنده فذهبت عينها من أمر من السماء لم يكن لرب الجارية أن يأخذ جاريته ويضمن الغاصب ما نقصها عنده إلا أن يأخذها معيبة ولا شيء له أو يضمنه قيمتها يوم غصبها‏.‏

قلت‏:‏ فلم قلت إذا باعها الغاصب فحدث بها عند المشترى عيب أنه يأخذ جاريته ولا شيء له على الغاصب ولا على المشترى مما نقصها العيب‏؟‏

قال‏:‏ أما المشتري فلا شيء عليه من العيب الذي أصابها عنده من السماء لأنه اشترى في سوق المسلمين وأما الغاصب فانما امتنعت من أن أجعل عليه ما نقص الجارية العيب الذي أصابها عند المشترى لأني لو جعلت ذلك عليه لم يكن لي بد من أن أجعل الغاصب يرد الثمن على المشترى إذا أخذت منه الجارية فإذا رد الثمن وجعلت له على الغاصب أيضا قيمة العيب الذي أصابها عند المشترى فيكون الغاصب رد الجارية وأغرم قيمة العيب الذي أصابها عند المشترى وهو لا يستطيع أن يرجع بقيمة ذلك العيب على المشترى لأن المشترى لا يضمن عند مالك ما أصابها عنده من عيب من السماء إذا استحقها مستحق فلا أرى لربها إذا أصابها عند المشترى أمر من الله إلا أن يأخذها ناقصة البدن أو يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها أو يجيز البيع ويأخذ الثمن‏.‏

فيمن غصب دابة فباعها في سوق المسلمين فقطع يدها أو فقأ عينها فاستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أني اغتصبت من رجل دابة أو جارية فبعتها من رجل فأتى ربها فاستحقها وهي عند المشترى بحالها لم تحل عن حالها فأراد أن يضمنني قيمتها‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له عند مالك إنما له أن يأخذها أو يجيز البيع لأنها لم تتغير عن حالها ألا ترى أنها لو كانت عند الغاصب لم تتغير عن حالها فأراد المستحق أن يضمنه قيمتها يوم غصبها لم يكن ذلك له وليس له إلا جاريته أو دابته أو ثمنها أن أجاز البيع يأخذه من الغاصب‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك في الدابة إلا أن يكون استعملها فأعجفها أو أدبرها أو نقصها فله أن يأخذ من الغاصب قيمة دابته يوم غصبها‏.‏

فقلت‏:‏ له أفله أن يأخذها ويأخذ كراء ما استعملها‏؟‏

قال‏:‏ لا إنما له أن يأخذها أن وجدها على حالها أو يأخذ قيمتها يوم غصبها أن كان دخلها نقص ولا شيء له من عملها‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك إذا خرجت من يده إلى غيره ببيع باعها فلم تتغير فليس لربها إذا وجدها بحالها إلا سلعته أو الثمن الذي باعها به الغاصب ولا ينظر في هذا وان حالت الأسواق وكذلك قال لي مالك في المسألة الأولى في حوالة الأسواق في الغصب أنه لا يلتفت إلى ذلك‏.‏

فيمن اغتصب جارية فأصابها عيب مفسد ثم جاء ربها أو ولدت عنده فأتى ربها

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبنى رجل جارية أو عبدا فأصابها عنده عيب قليل غير مفسد فاستحقها ربها فأردت أن أضمنه قيمتها يوم غصبها وقال الغاصب ليس ذلك لك إنما لك أن تأخذ جاريتك وأضمن لك ما نقصها العيب لأن العيب غير مفسد ما القول في هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك ليس له إلا جاريته إلا أن تنقص في بدنها ولم يقل لي نقصان قليل ولا كثير وذلك عندي سواء أن نقصت قليلا أو كثيرا أن أحب أن يأخذها معيبة على حالها وان أحب أن يضمنه قيمتها يوم غصبها فذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبني رجل جارية فولدت عنده أولادا فمات الأولاد عنده أيضمنهم لي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك لا ضمان عليه فيمن مات منهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قتلهم أيضمنهم‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قطع يد عبدي أو يد أمتي أو فقأ أعينهما أو قطع أيديهما أو قطع أرجلهما جميعا أو قطع يدا أو رجلا ما يكون عليه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يضمن الجاني على العبد قيمة العبد كلها إذا كانت جنايته عليه قد أفسدته بمنزلة ما أفسد من العروض ونحن نقول أنه إذا كان فسادا لا منفعة في العبد حتى يضمنه من تعدى عليه عتق عليه وكان بمنزلة من مثل بعبده وهو رأيي ورأى من أرضى من أهل العلم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قطع يد دابتي أو رجلها أو فقأ عينها أو قطع أذنيها أو ذنبها‏؟‏

قال‏:‏ الدابة بمنزلة الثوب إذا كان الذي أصابها عيبا مفسدا أفسد الدابة حتى لا يكون فيها كبير منفعة أخذها الجاني عليها وغرم جميع قيمتها لربها بحال ما وصفت لك في الثوب وان كان عيبا يسيرا غرم ما نقصها مثل ما قلت لك في الثوب وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ والغنم والبقر والابل إذا أصابها رجل بعيب‏؟‏

قال‏:‏ هذا كله مثل الثوب وهذا قول مالك‏.‏

فيمن اغتصب جارية صغيرة فكبرت ثم ماتت أو غصبها صغيرة فهرمت أو اختلفت أسوافها

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصب رجل جارية صغيرة فكبرت عنده حتى نهدت فماتت وقيمتها يوم اغتصبها مائة دينار وقيمتها اليوم حين ماتت ألف دينار‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يضمن إلا قيمتها يوم غصبها ولا يضمن الزيادة‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما أحفظه الساعة عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبني رجل جارية شابة فكبرت عنده حتى صارت عجوزا ثم أقمت عليه البينة فأردت أن أضمنه قيمتها يوم غصبها مني وقال الغاصب هذه جاريتك خذها‏؟‏

قال‏:‏ الهرم فوت ولك القيمة عند مالك لأنه لو غصبها فأصابها عند الغاصب عيب مفسد كان لربها أن يضمنه جميع قيمتها يوم غصبها عند مالك وكذلك الهرم فهو بمنزلة العيب المفسد وكذلك قال مالك في الهرم أنه في البيوع فوت وكذلك هو في الغصب عندي‏.‏

فيمن أقام شاهدا واحدا على أن فلانا غصبه جاريته وأقام شاهدا آخر أنه أقر أنه غصبها

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على أن هذا الرجل غصبنى هذه الجارية وأقمت رجلا آخر أنه أقر أنه غصبنيها‏؟‏

قال‏:‏ هذه الشهادة جائزة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أني أقمت شاهدا واحدا على أنه غصبنيها وأقمت آخر على أنها جاريتي‏؟‏

قال‏:‏ لا أراهما شهادة واحدة فان كان دخل الجارية نقص حلف مع الذي شهد له أنه غصبها وأخذ قيمتها أن شاء وقد كان قال أرى أن شهادتهما جائزة‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل أقام شاهدا واحدا علي أرض أنها له وأقام آخر أنها حيزه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أراها له لأن حيزه تركته وأراهما قد اجتمعا على الشهادة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ما معنى حيزه‏؟‏

قال‏:‏ كقولك هو حيز فلان وهذا حيز فلان‏.‏

فيمن اغتصب من رجل جارية فباعها فضاع الثمن عنده فأجاز البيع أيكون على الغاضب شيء أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبنى رجل جارية فباعها فضاع الثمن عنده فأجزت البيع أيكون على الغاصب شيء من الثمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم عليه الثمن لأن مالكا قال أن أراد أن يجيز البيع فذلك له ويأخذ الثمن من الغاصب‏.‏

قلت‏:‏ أو لا تراه إذا أجاز البيع قد جعل الغاصب مؤتمنا في الثمن‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن الغاصب لم يزل ضامنا للجارية حين غصبها أو للثمن حين باعها أن أراد رب الجارية أن يجيز البيع فلا يبرئه من ضمانه الذي لزمه الا الأداء‏.‏

فيمن غصب جارية رجل فباعها فولدت عند المشترى فأتى ربها فأجاز البيع

قلت‏:‏ أرأيت أن غصب جارية من رجل فباعها فولدت عند المشترى فأتى ربها فأجاز البيع أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز لأن مالكا قال إذا باعها الغاصب فان أراد بها أن يجيز البيع كان ذلك له ولست ألتفت إلى ولادتها عند المشترى ألا ترى أنها لو ماتت هي نفسها فأجاز سيدها البيع أخذ الثمن وكان ذلك جائزا ولست ألتفت إلى نقصان الجارية ولا إلى زيادتها إذا أجاز البيع لأنه إنما يجيز اليوم أمرا قد كان قبل اليوم فإذا أجاز اليوم فالجارية لم تزل للمشترى من يوم اشتراها فنماؤها له ونقصانها على المشترى وله من يوم اشتراها إذا أجاز رب الجارية البيع‏.‏

فيمن غصب جارية بعينها بياض فباعها الغاصب ثم ذهب البياض

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصبنى جارية وبعينها بياض فباعها الغاصب ثم ذهب البياض عند المشتري فجاء ربها فأجاز البيع ثم علم بعد ذلك أن البياض قد ذهب من عينها وقال إنما أجزت البيع ولم أعلم بذهاب البياض من عينها وأنا الآن لا أجيز‏؟‏

قال‏:‏ لا يلتفت إلى قوله والبيع جائز‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل اكترى من رجل دابة فتعدى عليها فضلت منه في تعديه فضمنه رب الدابة قيمتها ثم أصابها بعد ذلك المتعدى فأراد ربها أخذها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء له فيها وهي للمتعدى لأنه قد ضمن قيمتها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ولو شاء صبر ولو لم يعجل حتى ينظر أيجدها أم لا‏؟‏ قلت‏:‏ فمسألتي لا تشبه هذا‏؟‏

قال‏:‏ أجل ولكن لو شاء رب الجارية استثبت قبل أن يجيز البيع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتراها رجل من الغاصب فأعتقها ثم جاء ربها فأجاز البيع أتكون حرة بالعتق الذي أعتقها المشترى قبل أن يجيز ربها البيع في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فمتى جاز البيع أقبل العتق أم بعد العتق‏؟‏

قال‏:‏ لم يزل البيع جائزا فان أراد رد البيع ربها فهو مردود وان أجازه فلم يزل جائزا لأن العتق إنما وقع يوم وقع البيع فصار بيعا جائزا إلا أن يرده المستحق فلذلك جاز العتق وصار نماؤه ونقصانه من المشتري‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أعتقها المشترى ثم ثم أتى سيدها فاستحقها أيكون له أن يأخذ جاريته ويردها في الرق في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت قد نقصت أو زادت فهو سواء وله أن يأخذها ويبطل العتق في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

فيمن باع الجارية فأقر أنه اغتصبها من فلان أيصدق على المشترى

قلت‏:‏ أرأيت أن بعت جارية ثم أني أقررت أني قد كنت اغتصبتها من فلان أأصدق على المشترى أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن لا يصدق عليه وأراه ضامنا لقيمتها للمغصوب منه يوم غصبها إلا أن يشاء المغصوب أن يأخذ الثمن الذي باعها به فذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت جارية من رجل فبعتها من رجل ثم لقيت الذي اغتصبتها منه فاشتريتها منه ثم أردت أن آخذها من المشترى الذي اشتراها منى‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى لك ذلك وأرى بيعك فيها جائزا وان كان البيع قبل اشترائك اياها لأنك إنما تحللت صنيعك في الجارية من الذي اغتصبتها منه فكأنه أخذ منك قيمة الجارية حين اشتريتها منه ولست أنت في هذا كغيرك وأرى البيع الذي كان فيما بينك وبين مشتري الجارية منك جائزا ليس لك أن تنقضه وليس لأحد أن ينقض بيعك إلا المغصوب منه الجارية أو مشتريها منك أن أراد أن يردها عليك إذا علم أنها غصب وكان المغصوب منه غائبا لأن رب الجارية أن أحب أخذ جاريته فذلك له ويكون هذا نقضا للبيع الذي باعها به الغاصب ولأن المشتري إذا كان رب الجارية بعيدا فقال أنا أردها ولا أضمنها فيكون ربها علي بالخيار إذا جاء فيكون ذلك له وهو رأيي وان وجدها ربها عند رجل فباعها من رجل قد رآها وعرف شأنها أيضا من غير الغاصب ومن غير الذي اشتراها من الغاصب فهو أيضا نقض لبيع الغاصب لأن الذي اشتراها من ربها له أن يأخذها من الذي اشتراها من الغاصب‏.‏

قلت‏:‏ فان علم المشتري أن الجارية مغصوبة وأتى ربها فقال قد أجزت البيع وقال المشترى لا أقبل الجارية لأنها غصب‏؟‏

قال‏:‏ يلزمه البيع‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن الرجل يفتات على الرجل فيبيع سلعته وهو غائب فيعلم بذلك المشترى فيريد ردها ويقول بائعها أنا أستأنى رأي صاحبها فيها‏؟‏

قال‏:‏ مالك ليس ذلك له وله أن يردها قال فان كان المغصوب منه غائبا كان بحال من افتيت عليه وان كان حاضرا فأجاز البيع فليس للمشترى أن يأبى ذلك إذا جاءه رب السلعة وإنما كان له أن يرد إذا كان رب السلعة غائبا لأنه يقول لا أوقف جارية في يدى أنفق عليها وصاحبها علي بالخيار فيها وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة على رجل أنه غصبنى جارية والجارية مستهلكة ولا يعرف الشهود ما قيمتها أيقال لهم صفوها فيدعى لصفتها المقومون‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قالوا نشهد أنه غصب منه جارية ولا يدرى الجارية أهي للمغصوبة منه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ إذا شهدوا أنه غصبها منه فهي عندنا له وقال أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه نزع هذا الثوب من هذا الرجل غصبه اياه الساعة وقالوا لا ندري الثوب للمغصوب منه أم لا‏؟‏ أما كنت ترده عليه فالأمة بهذه المنزلة‏.‏

فيمن غصب جارية فادعى أنه قد استهلكها أو قال هلكت فاختلفا في صفتها

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبنى رجل جارية فادعى أنه قد استهلكها أو قال هلكت الجارية فاختلفنا في صفتها أنا والغاصب‏؟‏

قال‏:‏ القول قول المغصوب منه الجارية في الصفة مع يمينه‏.‏

قلت‏:‏ فان ضمنه قيمتها ثم ظهرت الجارية عند الغاصب بعد ذلك أيكون للمغصوب منه أن يأخذها ويرد القيمة‏؟‏

قال‏:‏ أن علم أن الغاصب قد أخفاها عن المغصوب منه فله أن يأخذ جاريته وان لم يعلم ذلك فليس له أن يأخذها إلا أن يكون الغاصب حلف على صفتها وغرم قيمة تلك الصفة فظهرت الجارية بعد ذلك مخالفة لتلك الصفة خلافا بينا فيكون للمغصوبة منه الجارية أن يرد ما أخذ ويأخذ جاريته وان شاء تركها وحبس ما أخذ من القيمة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي ‏(‏وقال‏)‏ أيضا أرى أن يأخذ من الغاصب تمام القيمة لأنه إنما جحده بعض قيمتها فلذلك رجع عليه بالذي جحده‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل عن رجل انتهب من رجل صرة دنانير وناس ينظرون إليه فادعى الذي انتهب منه أن فيها كذا وكذا وقال الذي انتهبها إنما فيها كذا وكذا أقل من العدد الذي ادعى المنهوب منه‏؟‏

قال‏:‏ مالك القول قول المنتهب مع يمينه فكذلك هذا‏.‏

فيمن أقام بينة على رجل أنه غصبه جارية وقد ولدت من الغاصب أو من غيره

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة على رجل أنه غصبنى هذه الجارية وقد ولدت من الغاصب أولادا أو من غير الغاصب أيقضى بها وبولدها للذي استحقها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ويقام على الغاصب الحد إذا أقر بوطئها ولا يثبت نسب ولدها منه وأما ولدها من غيره فان كان بتزويج أو شراء فانه يثبت نسبه من الذي تزوجها أو اشتراها ويكون الولد في التزويج رقيقا لسيد الجارية ويكون في الشراء على أبيهم قيمتهم يوم يحكم فيهم إلا أن يكون الذي تزوجها تزوجها على أنها حرة فيكون عليه قيمتهم بمنزلة التي تقر من نفسها بأنها حرة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية في سوق المسلمين فأعتقها أو ولدت منه أولادا فأتاه رجل فأقام البينة أنها له سرقت منه أو غصبت منه أو أقام البينة أنها له ولم يشهدوا على سرقة ولا غصب أيأخذ الجارية في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أما في العتق فله أن يأخذها عند مالك ويردها رقيقا وأما إذا ولدت من المشترى فقد اختلف قول مالك فيها وأحب قوليه إلى أن يأخذها ويأخذ قيمة ولدها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ماتت بعد ما ولدت من المشترى قبل أن يأتي سيدها فأتى سيدها فاستحقها وهي ميتة أيضمن المشترى قيمتها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يضمن قيمتها إلا أن يدركها حية فيأخذها ويأخذ قيمة ما أدرك من ولدها حيا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قضيت على المشترى بقيمة الولد أيقضى له على بائعه بتلك القيمة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أقضي عليه بقيمة الولد‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا وما سمعت مالكا يذكر أنه يقضي على البائع بقيمة الولد‏.‏

فيمن غصب من رجل أمة وقيمتها ألف درهم فزادت قيمتها فباعها الغاصب بألف وخمسمائة فذهب بها

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصب رجل من رجل أمة وقيمتها يوم اغتصبها منه ألف درهم فزادت قيمتها حتى صارت تساوي ألفين فباعها الغاصب بألف وخمسمائة فذهب بها المشترى فلم يعلم بموضعها أيكون لربها أن يضمن الغاصب أي القيمتين شاء وان شاء أجاز البيع وأخذ الثمن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ليس له إلا قيمتها يوم غصبها أو الثمن‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل غصب من رجل ثوبا فباعه فاشتراه رجل في سوق المسلمين فلبسه المشترى حتى أبلاه ثم جاء ربه فاستحقه فانه أن شاء ضمن المشترى قيمة الثوب يوم لبسه وان شاء ضمن الغاصب قيمة الثوب يوم غصبه اياه لأن الثوب قد تلف وان شاء أجاز البيع وأخذ الثمن فالغاصب لا يشبه من اشترى لأن الغاصب لو أصابه عنده أمر من أمر الله لكان ضامنا والمشترى أن أصابه عنده أمر من أمر الله لم يكن له ضامنا فليس على الغاصب أكثر من قيمته يوم غصبه أو ثمنه‏.‏

ولو كان يكون عليه أكثر من قيمتها يوم غصبها لكان عليه قيمتها يوم ماتت إذا كانت أكثر من قيمتها يوم غصبها فليس عليه إذا ماتت في يديه أو فاتت إلا قيمتها يوم غصبها أو ثمنها أن كان أخذ لها ثمن‏.‏

فيمن اغتصب من رجل طعاما أو اداما فاستهلكه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل طعاما أو اداما فاستهلكه ماذا عليه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ عليه مثله في موضعه الذي أخذه منه فيه‏؟‏

قال‏:‏ مالك وان لقيه في غير الموضع الذي غصبه فيه فليس له أن يأخذ منه في الموضع الذي لقيه فيه شيئا‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكون له أن يأخذ منه في الموضع الذي لقيه فيه قيمة الطعام أو الادام الذي استهلكه له أو يأخذ منه قيمته في بلاده حيث غصبه‏؟‏

قال‏:‏ لا إنما له قبله طعام أو ادام في الموضع الذي غصبه فيه منه وليس له قبله قيمة عند مالك‏.‏